فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن جزي:

سورة الفيل:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ}
معناه: ألم تعلم، وكيف في موضع نصب بفعل ربك لا بألم تر، والجملة معمول ألم تر {فِي تَضْلِيلٍ} أي إبطال وتخسير {أَبَابِيلَ} معناها جماعات شيئًا بعد شيء قال الزمخشري: واحدها أبالة، وقال جمهور الناس هو جمع لا واحد له من لفظه {بِحِجَارَةٍ} روي أن كل حجر منها كان فوق العدسة ودون الحمصة.
قال ابن عباس: إنه أدرك عند أم هانئ نحو قفتين من هذه الحجارة، وأنها كانت مخططة بحمرة وروي أنه كان على كل حجر اسم من يقع عليه مكتوبًا {سِجِّيلٍ} قد ذكر {كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} العصف ورق الزرع وتبنه والمراد أنهم صاروا رميمًا، وفي تشبيههم به ثلاثة أوجه الأول أنه شبههم بالتبن إذا أكلته الدواب ثم راثته فجمع التلف والخسة، ولكن الله كنّى عن هذا على حسب آدب القرآن. الثاني أنه أراد ورق الزرع إذا أكلته الدود.
الثالث: أنه أراد كعصف ماكول زرعه وبقي هو لا شيء. اهـ.

.قال البيضاوي:

سورة الفيل مكية، وهي خمس آيات.
بسم الله الرحمن الرحيم
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بأصحاب الفيل}
الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو وإن لم يشهد تلك الوقعة لكن شاهد آثارها وسمع بالتواتر أخبارها فكأنه رآها، وإنما قال: {كَيْفَ} ولم يقل ما لأن المراد تذكير ما فيها من وجوه الدلالة على كمال علم الله تعالى وقدرته وعزة بيته وشرف رسوله عليه الصلاة والسلام فإنها من الإِرهاصات. إذ روي أنها وقعت في السنة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قصتها أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة بصنعاء وسماها القليس، وأراد أن يصرف الحاج إليها، فخرج رجل من كنانة فقعد فيها ليلًا فأغضبه ذلك، فحلف ليهدمن الكعبة فخرج بجيشه ومعه فيل قوي اسمه محمود، وفيلة أخرى فلما تهيأ للدخول وعبى جيشه قدم الفيل، وكان كلما وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح، وإذا رجعوه إلى اليمن أو إلى جهة أخرى هرول، فأرسل الله تعالى طيرًا مع كل واحد في منقاره حجر وفي رجليه حجران، أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة، فترميهم فيقع الحجر في رأس الرجل فيخرج من دبره فهلكوا جميعًا. وقرئ {أَلَمْ تَرَ} جدًا في إظهار أثر الجازم، وكيف نصب بفعل لأبتر لما فيه من معنى الاستفهام.
{أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ} في تعطيل الكعبة وتخريبها.
{فِى تَضْلِيلٍ} في تضييع وإبطال بأن دمرهم وعظم شأنها.
{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} جماعات جمع إبالة وهي الحزمة الكبيرة، شبهت بها الجماعة من الطير في تضامها. وقيل لا واحد لها كعبابيد وشماطيط.
{تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ} وقرئ بالياء على تذكير الطير لأنه اسم جمع، أو إسناده إلى ضمير ربك.
{مِّن سِجّيلٍ} من طين متحجر معرب سنككل وقيل من السجل وهو الدلو الكبير، أو الاسجال وهو الارسال، أو من السجل ومعناه من جملة العذاب المكتوب المدون.
{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ} كورق زرع وقع فيه، والآكال وهو أن يأكله الدود أو أكل حبه فبقي صفرًا منه، أو كتين أكلته الدواب وراثته.
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الفيل أعفاه الله أيام حياته من الخسف والمسخ». اهـ.

.قال أبو حيان:

سورة الفيل:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)}
ومعنى {ألم تر}: ألم تعلم قدره على وجود علمه بذلك؟ إذ هو أمر منقول نقل التواتر، فكأنه قيل: قد علمت فعل الله ربك بهؤلاء الذين قصدوا حرمه، ضلل كيدهم وأهلكهم بأضعف جنوده، وهي الطير التي ليست من عادتها أنها تقتل.
وقصة الفيل ذكرها أهل السير والتفسير مطولة ومختصرة، وتطالع في كتبهم.
وأصحاب الفيل: أبرهة بن الصباح الحبشي ومن كان معه من جنوده.
والظاهر أنه فيل واحد، وهو قول الأكثرين.
وقال الضحاك: ثمانية فيلة، وقيل: اثنا عشر فيلًا، وقيل: ألف فيل، وهذه أقوال متكاذبة.
وكان العسكر ستين ألفًا، لم يرجع أحد منهم إلا أميرهم في شرذمة قليلة، فلما أخبروا بما رأوا هلكوا.
وكان الفيل يوجهونه نحو مكة لما كان قريبًا منها فيبرك، ويوجهونه نحو اليمن والشام فيسرع.
وقال الواقدي: أبرهة جد النجاشي الذي كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقرأ السلمي: ألم تر بسكون، وهو جزم بعد جزم.
ونقل عن صاحب اللوامح ترأ بهمزة مفتوحة مع سكون الراء على الأصل، وهي لغة لتيم، وتر معلقة، والجملة التي فيها الاستفهام في موضع نصب به؛ وكيف معمول لفعل.
وفي خطابه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {فعل ربك} تشريف له صلى الله عليه وسلم وإشادة من ذكره، كأنه قال: ربك معبودك هو الذي فعل ذلك لا أصنام قريش أساف ونائلة وغيرهما.
{ألم يجعل كيدهم في تضليل}، يقال: ضلل كيدهم، إذا جعله ضالا ضائعًا.
وقيل لامرئ القيس الضليل، لأنه ضلل ملك أبيه، أي ضيعه.
وتضييع كيدهم هو بأن أحرق الله تعالى البيت الذي بنوه قاصدين أن يرجع حج العرب إليه، وبأن أهلكهم لما قصدوا هدم بيت الله الكعبة بأن أرسل عليهم طيرًا جاءت من جهة البحر، ليست نجدية ولا تهامية ولا حجازية سوداء.
وقيل: خضراء على قدر الخطاف.
وقرأ الجمهور: {ترميهم} بالتاء، والطير اسم جمع بهذه القراءة، وقوله:
كالطير ينجو من الشؤبوب ذي البرد

وتذكر كقراءة أبي حنيفة وابن يعمر وعيسى وطلحة في رواية عنه: يرميهم.
وقيل: الضمير عائد على {ربك}.
{بحجارة}؛ كان كل طائر في منقاره حجر، وفي رجليه حجران، كل حجر فوق حبة العدس ودون حبة الحمص، مكتوب في كل حجر اسم مرميه، ينزل على رأسه ويخرج من دبره.
ومرض أبرهة، فتقطع أنملة أنملة، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه، وانفلت أبو مكسوم وزيره، وطائره يتبعه حتى وصل إلى النجاشي وأخبره بما جرى للقوم، فرماه الطائر بحجره فمات بين يدي الملك.
وتقدم شرح سجيل في سورة هود، والعصف في سورة الرحمن.
شبهوا بالعصف ورق الزرع الذي أكل، أي وقع فيه الأكال، وهو أن يأكله الدود والتبن الذي أكلته الدواب وراثته.
وجاء على آداب القرآن نحو قوله: {كانا يأكلان الطعام} أو الذي أكل حبه فبقي فارغًا، فنسبه أنه أكل مجاز، إذ المأكول حبه لا هو.
وقرأ الجمهور: {مأكول}: بسكون الهمزة وهو الأصل، لأن صيغة مفعول من فعل.
وقرأ أبو الدرداء، فيما نقل ابن خالويه: بفتح الهمزة اتباعًا لحركة الميم وهو شاذ، وهذا كما اتبعوه في قولهم: محموم بفتح الحاء لحركة الميم.
قال ابن إسحاق: لما رد الله الحبشة عن مكة، عظمت العرب قريشًا وقالوا: أهل الله قاتل عنهم وكفاهم مؤونة عدوّهم، فكان ذلك نعمة من الله تعالى عليهم.
وقيل: هو إجابة لدعاء الخليل عليه الصلاة والسلام. اهـ.

.قال نظام الدين النيسابوري:

{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)}
التفسير:
روي أن أبرهة ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بني كنيسة بصنعاء وأراد أن يصرف إليها الحاج فخرج من كنانة فتغوط فيها ليلًا فأغضبه ذلك.
وقيل: أججت رفقة من العرب نارًا فحملتها الريح فأحرقتها فحلف ليهدمنّ الكعبة، فخرج بجيشه ومعه فيل له اسمه محمود وكان قويًا عظيمًا.
وقيل: كان معه اثنا عشر فيلًا غيره.
وقيل: ألف فيل، فلما بلغ قريبًا من مكة خرج إليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع فأبى وعبى جيشه وقدم الفيل، فكانوا كلما وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح، وإذا وجهوه إلى اليمن أو إلى غيره من الجهات هرول، فأرسل الله تعالى عليهم طيرًا سودًا أو خضرًا أو بيضًا أو بلقًا كالخطاطيف على اختلاف الأقاويل مع كل طير حجر في منقاره وحجران في رجليه أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة.
قال ابن عباس: إني رأيت منها عند أم هانئ نحو قفيز مخططة محمرة كالجزع الظفاري، وكان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره وعلى كل حجر اسم من يقع عليه، ففروا فهلكوا في كل طريق ومرض أبرهة فتساقطت أناملة وآرابه وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه وانفلت وزيره أبو يكسوم وطائر يحلق فوقه حتى بلغ النجاشي فقص عليه القصة، فلما أتمها وقع عليه الحجر فخر ميتًا بين يديه.
وعن عائشة رأيت قائد الفيل وسائسه أعميين مقعدين يستطعمان.
قال أهل التاريخ: كان أبرهة جد النجاشي الذي عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بين عام الفيل وبين المبعث نيف وأربعون سنة، وكان قد بقي بمكة جمع شاهدوا تلك الواقعة وقد بلغت حد التواتر حينئذ فما ذاك إلا إرهاص للرسول صلى الله عليه وسلم. وزعمت المعتزلة أنها كانت معجزة لنبي قبله كخالد بن سنان أو قس ابن ساعدة. ويروى أن أبرهة أخذ لعبد المطلب مائتي بعير فخرج إليه يطلبها وقل لأبرهة: هذا سيد قريش وصاحب عير مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في رؤوس الجبال. وكان عبد المطلب رجلًا جسيمًا وسيمًا فعظم في عين أبرهة،
فلما ذكر حاجته قال: سقطت من عيني جئت لأهدم البيت الذي هو دينك ودين آبائك وعصمتكم وشرفكم من قديم الدهر فألهاك عنه ذود أخذ لك فقال: أنا رب الإبل وللبيت رب سيمنعه. ثم رجع وأتى باب البيت فأخذ بحلقته وهو يقول:
لا هم أن المرء يمـ ** ـنع رحله فامنع حلالك

لا يغلبن صليبهم ** ومحالهم عدوًا ومحالك

الحلال جمع حل وهو الموضع الذي يحل فيه الناس والمحال المماكرة كقوله: {وهو شديد المحال} [الرعد: 13] ثم قال:
إن كنت تاركهم وكع ** بتنا فأمر ما بدا لك

وقال أيضًا:
يا رب فامنع منهم حماكا ** يا رب لا أرجو لهم سواكا

فالتفت فإذا هو بطير من نحو اليمن فقال: والله إنها لطير غريبة ما هي بنجدية ولا تهامية، فأهلكتهم كما ذكرنا. ثم إن أهل مكة قد احتووا على أموالهم وجمع عبد المطلب منها ما صار سبب يساره. وسئل أبو سعيد الخدري عن الطير فقال: حمام مكة منها.
وقيل: جاءت عشية ثم صبحتهم هلكى.
وعن عكرمة: من أصابته أصابه جدري وهو أول جدري ظهر في الأرض. ولنرجع إلى تفسير الألفاظ. وإنما لم يقل (ألم تعلم) إما لأن الخطاب لكل راء، أو لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم علمًا كالمشاهد المرئي لتواتره ولقرب عهده به.
قال النحويون: قوله: {كيف} مفعول فعل لأن الاستفهام يقتضي صدر الكلام فيقدم على فعله بالضرورة. ثم إن قوله: {ألم تر} وقع على مجموع تلك الجملة.
وقال في الكشاف {كيف} في موضع نصب بـ: {فعل ربك} لا {بألم تر} لما في {كيف} من معنى الاستفهام.
قلت: أما قول صاحب الكشاف في غاية الإجمال لأن المنصوبات بالفعل أنواع شتى. وأما قول غيره فقريب من الإجمال لأن المفاعيل خمسة، والقول المبين فيه أنه مفعول مطلق والمعنى فعل أي فعل يعني فعلًا ذا عبرة لأولي الأبصار. وتقدير الكلام: ألم تر ربك أو إلى ربك كيف فعل بأصحاب الفيل فعلًا كاملًا في باب الاعتبار لأنه خلق الطيور وجعل طبع الفيل على خلاف ما كان عليه، واستجاب دعاء أهل الشرك تعظيمًا لبيته، وإن أريد بالفعل المفعول لم يبعد أن يكون مفعولًا به كقولك (يفعل ما يشاء). وفي قوله: {ربك} إشارة إلى أني ربيتك وحفظت البيت لشرف قومك وهم كفرة فكيف أترك تربيتك بعد ظهورك وإسلام أكثر قومك؟ وفي القصة إشارة إلى أني حفظت البيت وهو موضع العلم للعالم أفلا أحفظ العالم وهو من المسجد كالدر من الصدف؟ فمن أراد تخريب البيت وهدمه وكسره دمرته فالذي همزه ولمزه في العالم وهو المقصود من البيت أفلا أدمره؟ وههنا تظهر المناسبة بين هذه السورة والسورة المتقدمة وهذه القصة تجري مجرى مثال آخر لخسران الإنسان.
قال بعضهم: إنما قال: {أصحاب الفيل} ولم يقل أرباب الفيل أو ملاك الفيل لأن الصاحب يكون من جنس القوم فكأنه أشار إلى أنهم من جنس البهائم بل هم أضل لأن الفيل كان لا يقصد البيت ويقول بلسان الحال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وأنهم لم يفهموا رمزه سؤال، أليس أن كفار مكة ملؤا البيت من الأوثان؟ ألم يكن أفحش من تخريب الجدران؟ ثم إنه تعالى لم يسلط عليهم الطير؟
الجواب قال بعضهم: وضع الأوثان في البيت إضاعة حق الله وتخريب الجدران تعدٍ على الخلق وإنه تعالى يقدم حق العباد على حق نفسه ولهذا أمر بقتل قاطع الطريق والقاتل وإن كانا مسلمين، ولا يأمر بقتل الشيخ الكبير والأعمى وصاحب الصومعة والمرأة وإن كانوا كفارًا لأنهم لا يتعدى ضررهم إلى الخلق.
وأقول: لا نسلم أنه تعالى لم يسلط على كفار مكة عذابه لأنه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بقتلهم وسبي ذراريهم ونسائهم، ثم فصل الفعل المذكور المتعجب منه بقوله: {ألم يجعل كيدهم في تضليل} أي في تضييع وإبطال يقال: ضلل كيده إذا جعله ضالا ضائعًا ومنه قولهم لامرئ القيس (الملك الضليل) لأنه ضلل ملك أبيه أي ضيعه. كادوا البيت أولًا ببناء الكنيسة وصرف وجوه الحاج إليها فضلل الله كيدهم بأن أوقع الحريق فيه. وكادوه ثانيًا بإرادة هدمه فضلل كيدهم بإرسال الطير عليهم. ومعنى أبابيل طرائق أي جماعات متفرقة الواحدة إبالة وفي أمثالهم (ضغث على إبالة) شبهت الطير في اجتماعها بالإبالة وهي الحزمة الكبيرة، قال أبوعبيدة: وقيل أبابيل مثل عباديد لا واحد لها، والعباديد الفرق الذاهبون في كل وجه قاله الأخفش والفراء.
وقال الكسائي: سمعت بعضهم يقولون: واحدها أبول كعجول وعجاجيل. والتنكير في {طيرًا} إما للتفخيم لأنها كانت طيرًا أعاجيب أو للتحقير لأنها كانت صغار الجثة وهذا أدل على كمال القدرة. وذكروا في وصفها عن ابن مسعود وعن ابن عباس أنها كانت لها خراطيم كخراطيم الفيل وأكف كاكف الكلاب. وفي {سجيل} أقوال أحدها: أن اللام مبدلة من النون وأصله سجين وقد مر أنه علم لديوان الشر كأنه قيل: بحجارة من جملة العذاب المكتوب المدون. وجوز في الكشاف أن يكون اشتقاقه من الإسجال والإرسال لأن العذاب موصوف بذلك.
وعن ابن عباس أنه معرب سنك كل وقيل: هو طين مطبوخ والعصف ورق الزرع الذي يبقى في الأرض بعد الحصاد تفتته الرياح وتأكله المواشي.
وقال أبو مسلم: هو التبن كقوله: {والحب ذو العصف والريحان}
[الرحمن: 12] وقال الفراء: هو أطراف الزرع.
وقيل: هو الحب الذي أكل لبه وبقي قشره، والمأكول الذي وقع فيه الأكال أي الدود ونحوه أي الذي أكلته الدواب وراثته إلا أنه جاء على آداب القرآن كقوله: {كانا يأكلان الطعام}
[المائدة: 75] قاله مقاتل وقتادة وعطاء عن ابن عباس.
وقيل: مأكول حبه كما مر. وتشبيههم بورق الزرع المذكور إشارة إلى تدميرهم وتصييرهم أيادي سبا.
قالوا: إن الحجاج خرب البيت ولم يحدث شيء من ذلك. وأجيب بأن قصده لم يكن تخريب الكعبة وإنما كان شيئًا آخر. وأيضًا كان إرسال الطير عليهم، إرهاصًا للنبي صلى الله عليه إله وبعد تقرير نبوته لم يكن افتقار إلى الإرهاص والله تعالى عالم بحقائق أحكامه وبه التوفيق وعليه التكلان. اهـ.